وحضر الندوة عدد كبير من الألمان والكرد المقيمين في مدينة هامبورغ، استمعوا لشرح مستفيض من قبل الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطيّة، رياض درار عن بدايات تأسيس الإدارة الذانية لشمال وشرق سوريا والمراحل التي مرّت بها، بالإضافة إلى الهجمات التي تعرّضت لها من قبل الفصائل المسلّحة المنضوية تحت ما كان يسمّى ب"الجيش الحر" ومن ثمّ جبهة النصر (هيئة تحرير الشام حاليّاً) وصولاً إلى هجمات تنظيم داعش الإرهابي.
وقدّم درار موجزاً عن هيكليّة مؤسّسات الإدارة الذاتية، المدنيّة منها والأمنيّة والعسكريّة المتمثّلة بقوّات سوريا الديمقراطيّة التي حاربت الإرهاب لفترة طويلة وكانت شريكاً لقوّات التحالف الدولي التي قادتها الولايات المتّحدة الأمريكيّة منذ معارك تحرير كوباني.
وتطرّق درار إلى الدور الريادي للمرأة في جميع مؤسّسات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، مشيداً بالتضحيات التي قدّمتها وحدات حماية المرأة في الحرب على الإرهاب. علاوةً على الإطر التنظيميّة التي انضمّت إليها في سبيل توعية المجتمع بحقوق المرأة وضرورة أن تتمتّع بتلك الحقوق، مستشهداً بالرئاسة المشتركة بين الجنسين في كافة المؤسّسات والمجالس التي تشكّل هيكليّة الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى الأطر السياسيّة والمجتمعيّة في شمال وشرق سوريا.
كما لفت الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطيّة في حديثه إلى الحرب التي تشنّها الدولة التركيّة ومرتزقة الفصائل الإرهابيّة الموالية لها على مناطق شمال وشرق سوريا واحتلالها لمنطقة عفرين ومن ثمّ سرى كانيه (رأس العين) وتل أبيض (كرى سبي) والمخاطر التي تشكّلها قوى الاحتلال على الأهالي في تلك المناطق من انتهاكات حقوق الإنسان وعمليّات التغيير الديموغرافي الممنهجة، مطالباَ المجتمع الدولي بوضع حدّ لتركيا "المتمادية في عدوانها على شعوب شمال وشرق سوريا".
كما تحدّث البروفيسور الجامعي ومسؤول حقوق الإنسان في منظّمة "ميديكو إنترناشيونال" العالميّة، توماس زايبرت، خلال الندوة، واصفاً تجربة الإدراة الذاتية لشمال وشرق سوريا أنّها "التجربة الأكثر نجاحاً في عموم سوريا" مقدّماً شرحاً عن القوانين التي تسنّها الإدارة في المناطق التي تقع تحت سيطرتها ومدى "توافق تلك القوانين مع الواقع الذي يعيشه مواطنو تلك المناطق".
وأبدى زايبرت "إعجابه" بالمشروع الديمقراطي للإدارة الذاتيّة "هذا المشروع الذي بدأه الكرد في شمال وشرق سوريا وتجاوزا به العقليّة القوميّة الضيّقة ليشمل مشروعهم كافة القوميّات والإثنيات العرقيّة والدينية، حيث تكاتف الجميع للدفاع عن الإدارة والحفاظ على مكتسباتها". كما دعا المجتمع الدولي إلى "تحمّل مسؤوليّاته حيال العداء الذي تبديه الدولة التركيّة لضرب هذا المشروع الديمقراطي".
بدورها، أكّدت البروفيسورة الجامعيّة ورئيسة تحرير مجلّة "ميسي" الألمانيّة والناشطة في مجال النظريات الديمقراطية والعمل السياسي، مارغريتا تسومو على أنّ تجربة مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة، الاجتماعيّة والعسكريّة داخل هيكليّة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هي "حالة ديمقراطيّة متطوّرة أكثر من الديمقراطيّة في أوروبا"، مركّزة في حديثها على الدور "الهام" الذي تلعبه المرأة في شمال وشرق سوريا و"خروجها عن النمطيّة المألوفة للمرأة في عموم سوريا، إذ أنّها كسرت القيود التي كان المجتمع يفرضها عليها وخرجت إلى ساحات النضال لتكون متساويّة مع الرجل في كلّ شيء".
كما فتح مدير الندوة، البروفيسور الجامعي بيتر أوت، باب الأسئلة والمدخلات أمام الحضور حيث أخذت الندوة شكلاً حواريّاً تبادل فيه الجمهور والمحاضرون الآراء حول الإدارة الذاتية وسبل تطوير مؤسّساتها "بما يضمن الحفاظ عليها كتجربة من الممكن تعميمها على على سوريا المستقبل بعد انتهاء الحرب فيها".
يُشار إلى أنّ مسؤولين من شمال وشرق سوريا يقومون، في الآونة الأخيرة، بجولات دبلوماسيّة مكثّفة في عدّة دول أوروبيّة لكسب تأييد ودعم أوروبيّ للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إلى جانب تعريف المجتمعات الأوروبيّة بتجربة الإدارة ومشروعها الديمقراطي، من خلال عقد ندوات جماهيريّة في مدن أوروبيّة عدّة.